مقدمة

العين هي أغلى ما يملكه الإنسان ... لأن نعمة البصر هي أهم حاسة منحها الله له, بها يرى من حوله ويؤدي عمله ويدير حياته دون متاعب ولو حدث – ذات مرة – واشتكى الإنسان من تعب أو علة في بصره فإنه يسرع إلى الطبيب حتى لا تتعطل أمور حياته.
وبعيداً عن الدور الوظيفي المهم للعين, إلا أن الشكل الجمالي للعين لا يقل أهمية عن وظيفة الأبصار. فالعين هي أول ما يراه الآخرون منا, ولذا فالنظرة الأولى تعطي الانطباع الأول عن انفسنا وشخصياتنا ولذا فإن الشكل الجمالي للعين دائماً ما يحتل أهمية خاصة عند الرجل والمرأة سواء بسواء.
والجفون التي أناط بها الخالق سبحانة وتعالى مهمة حماية العين لها أيضأ دور جمالي باعتبارها حلقة الوصل بين الشكل الوظيفي للعين والشكل الجمالي.
ونظراً لاهتمام الإنسان بالعين والجفون ظهر تخصص تجميل العيون والجفون الذي يعد أحدث تخصصات طب وجراحة العيون وأكثر تطوراً ليشتمل على كل ما يحيط بمقلة العين من جفون وعضلات وغدد وقنوات دمعية وأوردة وشرايين وعظام الحجاج المحيطة بالعين.
وقد ساهم التطور الاجتماعي الذي شهده العالم مؤخراً في جعل شكل العين والجفون عاملاً أساسياً في نظرة الفرد لنفسه ولمن حوله ونتيجة أيضاً للتطور التكنولوجي الهائل الذي أدى إلى استحداث وسائل مثل الليزر والحقن لتجميل العيون والجفون.
والتخصص في مجال تجميل العيون والجفون يحتاج إلى مزيج من علم الطبيب ودقة أنامل الجراح وحساسية الفنان وموهبة وشاعرية الرسام ومهارة الخياط وصبر الصياد مع قدرة عالية على التخيل والتجسيم.
فلا عجب أن يصبح متخصصوه هم أندر أطباء العيون على مستوى العالم.

 

 

 

تشريح الجفون
العين عليها حارس...
هذه هي الجفون


الجفون هي النسيج المتحرك الذي يمتد من الوجنة إلى الحاجب وتسمح خاصية الحركة هذه بأن تكون العين مفتوحة أو مغلقة حسب الحاجة.
والجفون نسيج خاص في صفته التشريحية وفي وظيفته وخصائصه... وهذه الخاصية تجعله مؤهلاً للقيام بالوظيفتين الأساسيتين وهما حماية العين ( الحارس ) والشكل الجمالي للوجه كله فالجفون والعيون هي أول ما يلاحظه المرء في الوجه وأول ما ينطبع في الذاكرة من الشكل الجمالي للوجه.
فما هي خصائص الجفون التشريحية وكيف تساعد هذه الخصائص الجفن على القيام بوظائفه؟
يتكون الجفن من عدة طبقات من الأنسجة المختلفة هي:ـ


أولاً : الجلد SKIN:


وهو أقل طبقة جلد سمكاً في الجسم كله ( أقل من 1 مم ) مما يساعد على أن يكون الجفن خفيف الحركة وبسرعة متناهية, كما يؤدي ذلك إلى جعله شديد الشفافية مما يجعل من السهل ملاحظة أي تغيير في الأنسجة الموجودة أسفل الجلد مثل الترسبات اللونية التي تظهر على صورة هالات سوداء. أما الصفة الأخرى المميزة لجلد الجفون فهي أنه أقل التصاقاً بالأنسجة أسفله حتى يكون أسهل في الحركة ولكن ذلك يجعله أيضاً مكاناً ملائماً للانتفاخات وحدوث تجمعات ما بين الجلد والانسجة مثل التجمعات الدهنية ( انتفاخات الجفون ) وظهور التجاعيد الدقيقة به. ويمتد الجلد من الوجنة ( الخدود ) بدون فرق قاطع بين الجفون والوجنة ويحيط بالعين ثم يمتد لأعلى حتى الحاجب مع وجود فرق واضح بين جلد الجفن وجلد الحاجب.
ويمتاز جلد الجفون بوجود العديد من الغدد به التي تفرز مواد دهنية تساعد على ترطيب الجلد والمحافظة على حيويته وليونته كما أنه مزود بكمية كبيرة من الأعصاب الحساسة لحماية الجفن والعين من أي خطر... كما يمتاز الجلد بوجود كمية كبيرة من الأوعية الدموية به لضمان وصول الدم بكمية كبيرة إلى الجفن وكما نعرف جميعاً فإن أي أصابة في الجفن تؤدي إلى نزيف كمية كبيرة من الدم.


ثانياً: طبقة العضلات Muscle Layer ( Orbicularis Oculi):


وتقع طبقة العضلات تحت الجلد مباشرة بدون أن تكون ملتصقة به وتأخذ هذه العضلات شكل دائرة تحيط بالعين وتمتد من الجفن العلوي حتى الجفن السفلي في دوائر متتابعة وتسمى هذه العضلة – العضلة الدائرية – المحيطة بالعين وهذه العضلة مسئولة عن غلق العين فهي بمثابة صمام محيط بمقلة العين وبالتالي تعمل على غلق العين أثناء النوم أو عند حدوث خطر يهدد العين.
وتنقبض هذه العضلة عن طريق العصب السابع ( العصب الوجهي ), وبالتالي فزيادة نشاط العصب السابع تؤدي إلى زيادة انقباض العضلة أو ما يعرف برفة العين, أما شلل العصب السابع فيؤدي إلى ارخاء العضلة وعدم القدرة على اغلاق العين... أما تكرار انقباض العضلة على مدار السنين فيؤدي إلى ظهور خطوط شبة دائرية خاصة بالجفون السفلية وعند زاوية التقاء الجفون ( خطوط الضحك )... وتنقسم العضلة إلى عدة أجزاء فرعية يؤدي كل جزء منها وظيفة محددة فأحد هذه الأجزاء الفرعية مثلاً مسئول عن ضخ الدموع في اتجاه فتحة مجرى الدموع.

ثالثاُ: غضروف الجفن Tarsus:


وهو نسيج خاص لا يوجد له مثيل في الجسم كله, وفي الحقيقة هو ليس غضروفاً بالمعنى السليم بل هو عبارة عن تجمع لألياف كولاجينية ولينة بنسب خاصة تؤدي إلى الجمع بين عدة صفات يحتاجها الجفن لأداء وظيفته, مثل المرونة وخفة الوزن مع القوة والقدرة على تحمل الصدمات الخفيفة – فلو كان غضروف الجفن مكوناً من غضروف حقيقي لما كان لينا ولزاد وزنه بحيث تصعب حركته.
ويمتد الغضروف حوالي 29 مم بعرض الجفن كله وسمكه 1 مم, وارتفاعه 10 مم في الجفن العلوي, و 5 مم في الجفن السفلي. ويتصل الغضروف بالعظام المحيطة بالجفن ( عظام الحجاج ) عن طريق وترين ... وتر داخلي ناحية الأنف Medial Ligament ووتر خارجي ناحية الأذن Lateral Ligament. وتلعب هذه الأوتار دوراً مهماً في كون الجفون متماسكة في مكانها ومشدودة دائماً وبالتالي يكون ضعف هذه الأوتار مع تقدم السن أحد أهم أسباب ترهل الجفون كما تحدد هذه الأوتار خصوصاً الوتر الخارجي مقدار زاوية طرف العين Lateral Canthus (رسمة العين ) وتختلف هذه الزاوية بين الرجال والسيدات وبين الأجناس المختلفة فهي أكثر في الجنس الآسيوي عنها في الجنس الأبيض أو الأسود ويكون مقدار الزاوية عادة في المنطقة العربية ما بين زاوية 30-40,درجة وقد تتغير الزاوية مع السن أو بعد إجراء عمليات شد الجفون مما يؤدي إلى تغيير شكل العين وبالتالي شكل الوجه كله.

فتحة العين Palpebral Fissure:

هي المسافة ما بين الجفون عند فتحها وتظهر فيها مقلة العين ومقدار الفتحة 30 مم أفقياً وحوالي 12-14 مم رأسياً.

زوايا التقاء الجفون:

وهي المكان الذي يلتحم فيه الجفن العلوي بالجفن السفلي ويكون ذلك خارجياً ناحية الأذن وداخلياً ناحية الأنف والزاوية الداخلية مستديرة, أما الزاوية الخارجية فمحدبة وتعلو عن الزاوية الداخلية بمقدار2 مم مما يجعل فتحة العين مائلة دائماً من ناحية الأنف لأعلى ناحية الأذن وهذا هو الشكل الجمالي الطبيعي للعين ويكون الميل أكثر في الجنس الآسيوي أو الشكل المنغولي.

غدد الجفن Tarsal (Meibomian) Glands:

وهي موجودة بداخل غضروف الجفن, وعددها حوالي 25 في الجفن العلوي و20 في الجفن السفلي, وتقوم بإفراز مادة دهنية على سطح الجفن والقرنية لتقليل تبخر الدموع وتسهيل حركة الجفون ومقلة العين وتتأثر هذه الغدة بالهرمونات وبالعوامل الجيوية وبالالتهابات التي قد تصيب العين وانسداد هذه الغدد ينتج عنه تكوين الأكياس الدهنية بالجفون (Chalazion).

 

 


رابعاً: العضلات الرافعة للجفن العلوي:


وتشتمل على العضلة الرافعة للجفن العلوي Levator palpebrae وعضلة مولر Muller's Muscle وعضلات الجفن السفلي Lower Lid Retractors وتعمل هذ العضلات في تجانس مما يجعل العين مفتوجة طوال فترة استيقاظ الشخص بحيث يغطي الجفن العلوي مسافة 2 مم من القرنية ويأخذ شكل نصف دائرة أما الجفن السفلي فيبقى مستقيماً على الحد الأسفل للقرنية.
وأهم هذه العضلات وأكثرها فاعلية هي العضلة الرافعة للجفن العلوي التي تعمل بصورة مستمرة على مدار اليوم وتؤدي دوراً مهماً في " البربشة".
وضعف العضلة أو وجود عيب خلقي بها يؤدي إلى تهدل الجفن العلوي وارتخائه... وتتصل العضلة بغضروف الجفن بزاوية محددة تجعل الجفن يرتفع لأعلى عند انقباض العضلة بدون أن يفقد تماسه مع مقلة العين كما تتصل بجلد الجفن العلوي فيرتفع الجلد مع ارتفاع غضروف العين بانثناء دقيق يسمى ثنية العين Lid crease وهذه الثنية موجودة على مسافة حوالي 7 مم في الرجال و10 مم في النساء وتلعب دوراً مهماً في شكل الجفن وسهولة حركته.
أما عضلة مولر فتظهر فائدتها في الحالات التي تحتاج إلى فتح العين بصورة كبيرة كما في حالات الدهشة والتوتر وتتأثر بتغير نسبة بعض الهرمونات في الدم مثل هرمون الغدة الدرقية مما يجعل العين مفتوحة بصورة زائدة في حالات اضطراب الغدة الدرقية.


خامساً: الملتحمة أو الغشاء المبطن للجفن من الداخل
Palpebral Conjunctiva


وهي عبارة عن غشاء شفاف رقيق يبطن الجفن من الداخل, ثم يغطي الجزء الأبيض من مقلة العين وهي مزودة بالعديد من الأوعية الدموية مما يضفي عليها اللون الأحمر ومزودة بنسبة عالية من الخلايا الليمفاوية التي تقوم بحماية العين من الميكروبات مما يجعلها عرضة للاصابة بالتهابات العين ( الرمد ) أو بحساسية العين (الرمد الربيعي) مما قد يؤدي إلى تورم الجفون.

 

الأهداب ( الرموش):

وهي شعيرات دقيقة للغاية تنمو من على حافة الجفن في صفين أو ثلاثة صفوف وعددها أكثر في الجفن العلوي عنها في الجفن السفلي... ويكون اتجاهها رأسياً لأعلى في الجفن العلوي ولأسفل في الجفن السفلي بحيث لا تتداخل عند اغلاق العين.
وهذه الشعيرات لا تشيب بتقدم العمر وتنمو في حوالي 10 أسابيع لكل رمش, ويبقى كل رمش حوالي 5 شهور ثم يسقط وينمو آخر بدلاً منه... وتؤدي هذه الأهداب وظيفة مهمة فعلاوة على كونها أحد مظاهر الجمال وعلاماته المميزة فإنها مثل قرون الاستشعار مزودة بالأعصاب الدقيقة التي تجعلها تحس بالخطر وتعمل كمصيدة لمنع الأتربة والأجسام الغريبة من دخول العين.

حاثة الجفن:

وهي الجزء من الجفن الذي يحمل الرموش ويتلامس مع مقلة العين... وتعمل عضلات الجفون وأوتاره جميعاً على ابقاء حافة العين مستقيمة ومتلامسة بصورة دائمة بمقلة العين لضمان حماية العين وضمان مرور الدموع على حافة الجفن في اتجاه فتحة قناة مجرى الدموع وأي تغيير في وضع حافة الجفن ينتج عنه مرض انقلاب الجفون.

وظائف الجفن متعددة وتشمل:

حماية العين من الأخطار بصورة ميكانيكية ( حارس ).

المساعدة في دورة الدموع وحركتها وتصريفها.

افراز بعض المواد الدهنية من غدد غضروف الجفن.

اعطاء العين والوجه بصفة عامة شكلاً جمالياً.

غلق العين بصورة دورية كل عدة ثوان أو ما يعرف برمشة العين.

رمشة العين:


رمشة العين حركة لا إرادية تقوم بها الجفون بمعدل من 12-16 مرة كل دقيقة وهي لازمة لإراحة عضلات العين وإراحة الشبكية والعصب البصري كما تعتبر ضرورية لتوزيع الدموع بصورة منتظمة على سطح القرنية ومقلة العين وتساعد على حركة الدموع من خلال قنوات الدموع والكيس الدمعي باتجاه فتحات الدموع والتجويف الانفي, كما تقوم بإزالة أي جسم غريب على سطح العين... وتعتمد هذه الحركة بصفة أساسية على وظيفة عضلات الجفون الدائرية وعلى سلامة العصب السابع.

الجهاز الدمعي:

هل تعلم أن العين تفرز دموعاً طوال اليوم وعلى مدار 24 ساعة وبدون أن نشعر بها؟
وهل تعلم أن الدموع تؤدي دوراً أساسياً في الرؤية والإبصار؟ وأنها تقوم بتغذية العين والحفاظ على سلامتها.
تقوم الغدة الدمعية بإفراز الدموع وهي موجودة أسفل الحاجب من الناحية الخارجية ( ناحية الأذن) وداخل عظام الحجاج وتصل الدموع إلى سطح العين من خلال 10-16 قناة رفيعة تمر خلال الجفن العلوي ثم تقوم الدموع بوظيفتها وتتجة على حافة الجفن السفلي حتى فتحات قناة الدموع العليا الموجودة على حافة الجفون من الناحية الداخلية (ناحية الأنف).
ويتم تصريف الدموع من خلال القنوات الدمعية التي تبدأ من فتحة بسيطة قطرها أقل من نصف مم يمكن رؤيتها بالعين المجردة على حافة الجفون وتمر تحت الجلد حتى تنتهي بفتحة القناة الدمعية الرئيسية في تجويف الأنف وهذا يجعلنا نحس بطعم القطرات في الأنف والحلق وطعم الدموع عند البكاء.
وهناك نوعان من افراز الدموع: افراز أساسي مستمر طوال اليوم لا نشعر به وكميته بسيطة ويتم تصريفها من خلال القنوات الدمعية بدون أن يشعر بها الفرد وهناك أيضاً افراز رد فعلي يتم عند تعرض العين للخطر أو مع العواطف والمشاعر وهذا النوع من الافراز يكون على فترات وبكمية كبيرة قد تزيد عن قدرة القنوات الدمعية على تصريفها فتنحدر على الوجنات.

 

 


وما هي إذا فائدة الدموع؟


تقوم الدموع بتغذية القرنية بالاكسجين والجلوكوز اللازمين لها وتقوم بترطيب سطح العين وإزالة أي ميكروبات أو أجسام غريبة على العين كما تحتوي على نسبة من الانزيمات والمواد القاتلة للبكتيريا أو الفيروسات كما تساعد على سرعة التئام خلايا القرنية. وأخيراً الدموع إحدى طرق التعبير عن المشاعر الأنسانية.

الحجاج:

الحجاج هو التجويف العظمي الذي تقع داخله مقلة العين... والحجاج مكون من تلاحم 7 عظام ويغطي أكثر من ثلثي المقلة فيساعد على حمايتها ويفصل ما بين المقلة وتجويف المخ من أعلى والجيوب الأنفية من بقية الاتجاهات... ويحتوي الحجاج بالإضافة إلى مقلة العين على الأعصاب والشرايين والأوردة والعضلات والغدد المحيطة بالعين والمسئولة عن وظيفتها.
أما أكثر ما يحتويه الحجاج فهو كمية كبيرة من الدهون تعمل كمصدات تحمي مقلة العين من الاصابات وتساعد على سهولة حركتها... وتحرك هذه الدهون إلى داخل الجفون هو المسئول عن ظهور ما يعرف بانتفاخات الجفون.