إصابات وجروح الجفون والحجاج


وظيفة الجفون الأساسية هي حماية العين فهي خط الدفاع الأول والرئيسي ضد الميكروبات والأتربة والضوء الشديد وبصفة خاصة ضد الإصابات التي قد تتعرض لها العين.

ولذلك نجد أن الجفون من أكثر المناطق بالجسم والوجه التي تتعرض للإصابة سواء بالجروح أو المواد الكيميائية وتتمثل خطورة هذه الإصابات في عدة عوامل أولها أن إصابة الجفن ونتيجة لوجود كمية كبيرة من الأوعية الدموية بها تؤدي إلى نزيف غزير أو فقدان كمية كبيرة من الدم من هذه الأوعية الدموية.

أما العامل الثاني فهو وجود العديد من الأنسجة التي قد تصاب عند إصابة الجفن مثل عضلات الجفن والقنوات الدمعية وعظام الحجاج مما يزيد من خطورة الحالة... وآخر هذه العوامل هو أن عدم العلاج السليم في المراحل الأولية من الإصابة ينتج عنه تكوين ندب بالجفن والوجه وهذه الندب تؤثر لاحقاً على وظيفة وشكل الجفن ويكون علاجها أكثر صعوبة منه عن العلاج في المرحلة الأولية من الإصابة.

جروح الجفون:

وتحدث غالباً عند إصابة الوجه في حوادث السيارات كما تحدث في المشاجرات أو الحوادث غير المقصودة مثل الإصابات في المطبخ أو المنزل أو المدرسة في الأطفال.

وعامة يبدوا الجرح كبيراً ويكون مصحوباً بنزيف دموي غزير... ويبدو الجرح كبيراً لحدوث تقلص في عضلات الجفن والوجه من أثر الإصابة وابتعاد أطرافه عن بعضها.

وينصح عند الإصابة بعمل ضمادات ضاغطة على منطقة الجرح مع استخدام الثلج لتقليل النزيف والإسراع إلى الطبيب المتخصص مهما بدا الجرح سطحياً أو بسيطاً ويجب ملاحظة أنه لا توجد جروح سطحية في الجفون لأن سمك جلد الجفن صغير للغاية وأي جرح في الجفون يشمل العضلات على الأقل وقد يشمل أيضاً غضروف الجفن أو أوتاره.

ويجب على الطبيب المعالج أولاً التأكد من حالة مقلة العين ثم فحص الجرح والتأكد من عمقه ومن سلامة كل من أوتار الجفن الداخلية والخارجية والقنوات الدمعية وغضروف الجفن حيث أن العلاج الجراحي يجب أن يشمل اصلاح كل هذه الأنسجة في نفس الوقت.

فإصابة أوتار الجفون الداخلية أو الخارجية يؤدي إلى فصل الجفن عن عظام الحجاج وسقوط الجفن في الاتجاه المعاكس للوتر المصاب فإذا أصيب الوتر الخارجي سقط الجفن ناحية الأنف ( الداخل) أما إذا أصيب الوتر الداخلي فيسقط الجفن ناحية الأذن (الخارج) وقد يصاب كلاهما في حوادث السيارات.

وفي كلتا الحالتين يجب إعادة تثبيت الوتر المصاب في عظام الحجاج مرة أخرى وبصفة عاجلة قبل حدوث ضمور في انسجة الوتر وعادة ما يتم ذلك من خلال الجرح نفسه وباستخدام خيوط جراحية معينة أو باستخدام شرائح ومسامير دقيقة في الحالات الشديدة.

وفي حالة أصابة غضروف الجفن أو حافة الجفن كانت تستخدم الطريقة القديمة التي تعتمد على خياطة وإصلاح حافة الجفن فقط دون الغضروف باستخدام 3 خيوط جراحية: واحدة عند منبت الرموش وواحدة أمامها والثالثة خلفها.

وثبت خطأ هذه الطريقة حيث اتضح أن غضروف الجفن يلعب الدور الأساسي في الالتئام وأصبح من الواجب الآن اصلاح الغضروف أولاً وقبل اصلاح حافة الجفن باستخدام الخيوط الجراحية الثلاثة المشار إليها.

أما إصابة القنوات الدمعية العليا فيجب علاجها فوراً وخلال مدة لا تتجاوز من 6-8 ساعات بعد الإصابة لمنع حدوث انسداد مزمن في هذه القنوات الذي يؤدي بدوره إلى انهمار الدموع بصورة دائمة على الجفن والخد.

ويتم الاصلاح باستخدام الميكروسكوب الجراحي ويجب أن يشتمل على تركيب أنبوبة خاصة في القناة الدمعية المصابة لضمان مرور الدموع في القناة وتبقى الأنبوبة لمدة 3-6 شهورثم يتم إزالتها بعد ذلك بدون جراحة أخرى... أما في الماضي فكان يتم استخدام قسطرة حديدية في الاصلاح ولكن تم الاستغناء عنها حديثاً مع استخدام الميكروسكوب الجراحي.

أما أخطر أنواع أصابات الجفون فهي الأصابات المتعددة والتي تشمل اصابات عظام الحجاج أيضاً حيث يحدث كسر في عظام الحجاج خصوصاً السفلية مما يؤدي إلى تمزق عضلات العين السفلية وقطع بعصب الحجاج السفلي وفقدان الأحساس بمنطقة تشمل الجفن السفلي والخد والشفة العليا.

ويؤدي الكسر إلى تحرك أنسجة الحجاج من مكانها وسقوطها داخل تجويف الجيوب الأنفية فيحدث ازدواج في الرؤية وارتخاء ثانوي في الجفن العلوي وضمور في الدهون المحيطة بالعين داخل الحجاج الذي يؤدي بدوره إلى ضمور في أنسجة الحجاج وصغر حجم العين.

وتحدث هذه الحالة غالباً نتيجة إصابة الحجاج في حوادث السيارات حيث يصدم الوجه في زجاج السيارة الأمامي وتحدث الإصابة وتنبع خطورة الإصابة من احتياجها إلى مهارة شديدة في التشخيص الذي يتطلب عمل أشعة مقطعية في أغلب الأحيان لمعرفة حجم ومكان الكسر ومدى سقوط أنسجة الحجاج داخل تجويف الجيوب الأنفية.

والأخطر أن هذه الإصابة في الأطفال تحدث دون وجود أي خدش أو احمرار في العين أو الجفن مما يجعل تشخيصها صعباً خاص على غير المتخصص.. كما أن ضغط أطراف العظام المكسورة على عضلات العين السفلية قد يؤدي إلى حدوث هبوط في ضربات القلب فيصاب الطفل بفقدان الوعي وفي بعض الأحيان الوفاة المفاجئة... وللأسف فإن أغلب هذه الحالات تحدث نتيجة عدم التشخيص السليم للحالة حيث يظن الأطباء أن فقدان الوعي حدث نتيجة لارتجاج في المخ.

ويوضع الطفل تحت الملاحظة دون التنبه لوجود الكسر بعظام الحجاج... ولهذه الأسباب فإن كل حالات الإصابة في منطقة العيون يجب أن يتم الكشف عليها بواسطة طبيب العيون المتخصص وليس فقط بواسطة أطباء قسم الحوادث أو الجراحة حتى يتم التوصل للتشخيص السليم في مرحلة مبكرة.

ويتم علاج هذه الإصابات جراحياً إما من خلال الجرح نفسه أو من خلال الملتحمة من داخل الجفن في حالة عدم وجود جرح خارجي ويتم إرجاع أنسجة الحجاج وعضلات العين إلى مكانها الطبيعي مع تركيب شريحة لتثبيت عظام الحجاج ويتم الشفاء بنسبة 80% أو أكثر في معظم الحالات.

أما أسوأ إصابات العين والجفون فهي الناتجة عن الحروق أو المواد الكيميائية مثل البوتاس أو ماء النار حيث يتم تدمير أنسجة الجفن بالكامل في هذه الحالات مما يستلزم استخدام رقعة من أجزاء من الجسم للعلاج أو استخدام رقعة خارجية ( مثل الغشاء الأمنيوسي) لإعادة تشكيل أنسجة الجفون ولا يتم ذلك إلا بعد عدة أشهر من الإصابة وبعد استقرار الحالة.


أما في الحالة الأولية من الإصابة فيكتفي بالعلاج الدوائي وحماية مقلة العين من أثر تدمير الجفن باستخدام القطرات أو المراهم أو إغلاق الجفن العلوي بصورة مؤقتة باستخدام حقن البوتيولينم أو حتى بخياطة الجفون بصورة مؤقتة.


ندب الوجه والجفون:

وتكون عادة نتيجة إصابة قديمة لم يتم علاجها بطريقة سليمة أو عدم خياطة أنسجة الجفن بالطريقة السليمة التي تراعي الصفة التشريحية السليمة للجفن مع مراعاة تثبيت أوتار الجفن وخياطة غضروف الجفن.

ويتم التعامل مع ندب الجفون بملاحظة تأثيرها على وظيفة الجفن وشكله فيجب التأكد من قدرة عضلات الجفن على الحركة ومن القدرة على أحكام غلق العين خاصة أثناء النوم, كما يجب ملاحظة موقع فتحة قنوات الدموع العليا وعلاقتها بحافة الجفن وأخيراً تأثير الندبة على شكل الوجه بصفة عامة خاصة في الشباب والفتيات.
وإذا كانت الندبة حديثة فيمكن استخدام بعض الأدوية الموضعية مع إعادة خياطة الجفن بطريقة سليمة أما إذا كانت الندبة قديمة فيجب التدخل جراحياً أما لإعادة تشكيل الجفن باستخدام الأنسجة المتاحة على ضوء طريقة التجميل التي يقررها جراح تجميل العيون المتخصص وتؤدي هذه العمليات إلى تحسن في نسبة كبيرة من الحالات في وظيفة الجفون وفي الشكل.