المياه الزرقاء

 

المياه الزرقاء والمعروفة بأسم ارتفاع ضغط العين او الجلوكوما هي مجموعة من اضطرابات العين التي تؤدي الي ضمور العصب البصري والاصابة بالعمي نتيجة تغير في  ضغط العين

 

وعادة مايصيب الضمور اولا الألياف المسؤولة عن الرؤية الطرفية ثم , في حالة عدم العلاج السليم, يزيد تدريجيا حتي يشمل الألياف المسؤولة عن الرؤية المركزية مما يؤدي الي فقدان تام للبصر

وتعتبر المياه الزرقاء هي السبب الثاني بالاصابة بالعمي الدائم في العالم حيث يوجد 6 مليون مصاب بالعمي نتيجة المياه الزرقاء .

 

ماهو ضغط العين الطبيعي

 

تحتفظ العين  بشكلها ووظيفتها نتيجة وجود ضغط داخلها فإذا زاد الضغط داخلها فإن هناك صمام أمان عند زاوية الخزانة الأمامية ينفتح ويزيد تصريف سوائل العين إذا زاد الضغط في العين عن معدله الطبيعي.

يتراوح ضغط العين الطبيعي من 12- 21 ملم زيئبقي وعادة ما يكون متقاربا بين العينين بحيث لا يزيد الفرق بينهم عن 2 ملم زيئبقي .

تمتلئ الخزانة الامامية بسائل شفاف يسمي ( السائل المائي ) ويتم افرازه من خلايا الجسم الهدبي باستمرار. ويقوم هذا السائل بتغذية العدسة البللورية والقرنية من الداخل ثم يتم تصريفه من خلال زاوية الخزانة الامامية وانسجتها التي تشبه المصفاة. وتحدث المياه الزرقاء عادة نتيجة عدم تصريف السائل المائي خارج العين بصورة سليمة فيزداد ضغط العين عن المعدل الطبيعي

ورغم ان اغلب حالات المياه الزرقاء الاولية تحدث عندما يرتفع ضغط العين عن 21 إلا ان المياه الزرقاء قد تحدث في بعض الحالات رغم كون الضغط اقل من 21 وتسمي  هذه الحالات ( المياه الزرقاء ذات الضغط المنخفض ) .

بينما قد يكون الضغط اكثر من 21 عند بعض الناس بدون اي اصابة للعصب البصري وتسمي هذه الحالات ( ارتفاع ضغط العين بدون مياه زرقاء )

إذن معنى ذلك أن ارتفاع ضغط العين أو انخفاضه ليس هو الفيصل الوحيد  في تحديد الإصابة بالمياه الزرقاء من عدمه.

 

أسباب حدوث المياه الزرقاء

 

تلعب العوامل الوراثية دورا كبيرا في حدوث المياه الزرقاء وتم اكتشاف بعض الجينات المسؤوله عن حدوث المياه الزرقاء كما يلعب التقدم في العمر دورا كبيرا ايضا في حدوثها حيث تزداد نسبة الاصابة بالمرض بعد سن ال 40

ويمكن تحديد العوامل التي تؤدي الي احتمال حدوث المياه الزرقاء كالأتي  وهو من يطلق عليهم "المشتبه في إصابتهم بالمياه الزرقاء :

 

1. العمر اكثر من 40 عاما

2. وجود تاريخ مرضي للمياه الزرقاء بالأسرة

3. مرضي السكر

4. مرضي قصر النظر

5. وجود ارتفاع في ضغط العين في اي مرحلة من مراحل العمر حتي لو بصفة مؤقتة

6. اي اصابة للعين

7. استخدام مشتقات الكورتيزون خاصة اذا كان الاستخدام في صورة قطرة

8. الجنس الاسود او الافريقي

 وبما ان الاصابة بالمياه الزرقاء عادة ما لا يكون مصحوبا في مراحله الاولية بأي تغير في قوة الابصار او ألام او إحمرار بالعين ويتم فقدان البصر ببطئ وتدريجيا بدون ان يلاحظ المريض ( سارق البصر ) فلذلك ينصح بالكشف الدوري علي العينين كل سنتين لكل من هو فوق ال40 ولكل من يوجد اصابة بالمياه الزرقاء في اسرته لإكتشاف المياه الزرقاء في مراحلها الأولي قبل ضمور العصب البصري. ويتطلب ذلك أن يتغير الوعي عند الناس فلا يذهبون للطبيب عند وجود شكوى فقط ولكن يذهبون بصفة دورية لكي يطمئنون علي عدم إصابتهم بأي مرض

 

هناك نوعين اساسيين من المياه الزرقاء الأولية:

 

1. المياه الزرقاء ذات الزاوية المفتوحة وهي اكثر الأنواع حدوثا حيث تظهر انسجة العين بصورة طبيعية ولكن تصريف السائل لا يتم بالمعدل السليم ولكن ثقوب الشبكة أو المصفاة مسدودة من الداخل مما يؤدي إلى ارتفاع ضغط العين بصورة متوسطة

 

2. المياه الزرقاء ذات الزاوية المنغلقة او الضيقة وهي اقل حدوثا . ويحدث نتيجة تلامس بين القزحية والقرنية مما يؤدي الي اغلاق تام لزاوية الخزانة الامامية . وهذا النوع يحدث اكثر في السيدات كما انه يمكن ان يحدث بصورة مفاجأة ويؤدي الي ارتفاع حاد لضغط العين وقد يؤدي الي فقدان تام للبصر خلال عدة ساعات .

 

هناك طرق عديدة لتحديد انواع المياه الزرقاء مثل :-

 

مياه زرقاء اولية والتي قد تكون ذات زاوية مفتوحة او ذات زاوية منغلقة .

مياه زرقاء ثانوية والتي قد تحدث نتيجة:-

 

إلتهابات القزحية او المشيمة

 

امراض عدسة العين مثل المياه البيضاء الناضجة او انخلاع عدسة العين او وجود قطع بمحفظة عدسة العين او حالات المياه البيضاء ذات القشور الكاذبة

وجود نزيف داخل الخزانة الامامية او الجسم الزجاجي

اصابات العين والتي قد تؤدي الي قطع بزاوية الخزانة الامامية او انسداد بأنسجة الخزانة الامامية او حدوث ترسبات بزاوية الخزانة الامامية

مياه زرقاء نتيجة تكوين شعيرات دموية جديدة

مياه زرقاء نتيجة استخدام بعض الادوية مثل الكورتيزون 

 

كما يمكن تقسيم المياه الزرقاء الي:-

 

 مياه زرقاء ذات ضغط عالي او مياه زرقاء ذات ضغط منخفض

 

كيف يمكن تشخيص المياه الزرقاء ؟

 

في اغلب المرضي لا توجد اعراض للمياه الزرقاء ذات الزاوية المفتوحة ويتم اكتشافها صدفةً عند ملاحظة عدم الرؤية بإحدي العينين اثناء غسيل الوجه او عند الكشف لدي الطبيب .هناك بعض المؤشرات التي قد تحدث وتنبئ بوجود ارتفاع في ضغط العين مثل ظهور هالات حول الاضواء وخاصة عند النظر للألوان فيكون حولها هالات من اللون الأزرق والأحمراو وجود ألم متقطع بمقلة العين .

أما في حالة المياه الزرقاء ذات الزاوية المنغلقة والتي يرتفع فيها ضغط العين بصورة حاده ومفاجئة فيصاب المريض بألم شديد بالعين واحمرار شديد بها واحتقان شديد بالقرنية ورغبة في القئ وفقدان للبصر مما يستدعي  ذهابه إلي الطوارئ بالمستشفي . وقد يصاحب الإصابة بالمياه الزرقاء بعض العوامل الأخرى التي تساعد على حدوث ارتفاع حاد في ضغط العين وعلى سبيل المثال:

* المرضى الذين يعانون من طول النظر ومرادف ذلك أن طول العين أقصر من الطول الطبيعي مما يساعد على انخفاض عمق الخزانة الأمامية.

* هؤلاء المرضى تكون درجة الشد العصبي عندهم عالية ويكون الجهاز السيمباثاوي عندهم له اليد العليا في الاتزان العصبي للشخص.وبالتالي تكون نسبة الإصابة عند الإناث أعلى من الرجال.

 

تحدث الأزمة الحادة لارتفاع ضغط العين بطريقتين:

الأولى: هي أن تقترب الحدقة من العدسة البللورية فلا يجد السائل المائي طريقه مفتوحاً من الخزانة الخلفية (خلف القزحية) إلى الخزانة الأمامية (أمام القزحية) من خلال الحدقة وذلك يجعل السائل المائي يدفع القزحية إلى الأمام كقلاع المركب الشراعية مما يؤدي إلى إغلاق زاوية الخزانة الأمامية تماماً ويصعد من حدة الحالة حتى تصل إلى الذروة.

الثانية: أن تتسع الحدقة في حالة التعرض للإثارة وعند البقاء في غرفة مظلمة أو الاثنين معاً  (مشاهدة فيلم سينمائي مثير = إثارة في سينما مظلمة)

 

وعند اتساع الحدقة تتجمع أطراف القزحية كما لو كانت ستارة تم ضمها على جانبي الشباك ويسبب ذلك غلق زاوية الخزانة الأمامية ويؤدي إلى تصاعد حدة الحالة إلى الذروة أيضاً. و هذا في حد ذاته شيئٌا حميداً... فالمريض عادة لا يذهب للطبيب لعدم وجود اعراض واضحة او شديدة لهذه الحالة إلا عند الوصول للذروة كما اوضحنا  وفي هذه الحالة يمكن إنقاذ الإبصار تماماً وبالذات إذا ذهب المريض للطبيب مباشرة قبل أن يتأثر العصب البصري حيث أنه يعطي الطبيب فرصة  24 ساعة يتحكم فيها في ضغط العين عن طريق قطرات تضيق الحدقة وأخرى تخفض من إفراز السائل المائي وإعطاء محاليل وأقراص لخفض ضغط العين.

وعندما يتم التحكم في ضغط العين لا يعني ذلك أن المريض لا يحتاج إلى عملية جراحية بل أنه لابد منها حتى لا تتكرر هذه الحالة مرة أخرى. ليس هذا وحسب ولكن لابد من إجراء فتحة بالليزر في طرف القزحية للعين الأخرى (السليمة) كاجراء وقائي  بها وحتى يجد السائل المائي مخرجاً بديلاً للخزانة الأمامية في حالة ما إذا انسدت الحدقة مثل العين المصابة.

 

 

ويعتمد الطبيب علي بعض الفحوصات لتشخيص المياه الزرقاء وهي :-

 

1. قياس ضغط العين

2. قياس مجال الابصارVisual Field Testing:- حيث يتم قياس مجال الرؤية الطرفية والمركزية لكل عين علي حدي بإستخدام كمبيوتر ويتم تعريض كل عين علي حدي الي اضواء ذات قوة مختلفة وفي اماكن مختلفة في مجال الابصار ويقوم الكمبيوتر برسم خريطة لمجال الابصار محددا اماكن الرؤية السليمة والاماكن المصابة

3. قياس سُمك القرنية  Pachymetry حيث ثبت ان سُمك القرنية يلعب دورا هاما في قياس ضغط العين حيث ان القرنية السميكة تعطي ارقاما عالية غير حقيقية لضغط العين والعكس صحيح.كما ان القرنية ذات السُمك القليل تكون اكثر عُرضة للإصابة بالمياه الزرقاء

4. منظار زاوية الخزانة الاماميةGonioscopyحيث يتم استخدام عدسات خاصة لرؤية زاوية الخزانة الامامية وتحديد اذا كانت الزاوية مفتوحة ام منغلقة كما يمكن تحديد وجود اي علامات غير طبيعية بالزاوية مثل الاوعية الدموية حديثة التكون او اورام او ترسبات تؤدي الي انسداد فتحات تصريف السائل

5. فحص قاع العين  Ophthalmoscopy باستخدام منظار قاع العين او عدسات خاصة لفحص العصب البصري والشبكية وتحديد وجود ضمور او تقعُر بأنسجة العصب البصري من عدمه

6. أشعة العين المقطعية والتي يمكن عن طريقها رسم صورة ثلاثية الابعاد للعصب البصري وطبقات القرنية وتحديد سُمكها ومدي تأثرها بإرتفاع ضغط العين وهذا ما يعرف حاليا بفحص الأشعة المقطعية للشبكية او OCT.

تستخدم هذه الفحوصات في التشخيص وفي متابعة المريض حيث يتم اجراءها عدة مرات لمتابعة تطور المرض ومدي استجابة المريض للعلاج

 

هل يمكن الوقاية من المياه الزرقاء ؟

 

يمكن الوقاية من بعض انواع المياه الزرقاء الثانوية عن طريق علاج مسبباتها مثل علاج إلتهابات القزحية والمشيمة وإزالة المياه البيضاء جراحيا قبل نضوجها التام وحماية العين من الاصابات وعدم استخدام القطرات بصورة عشوائية خاصة قطرات الكورتيزون التي تسبب ارتفاعا في ضغط العين .

أما المياه الزرقاء الاولية فلا يمكن الوقاية منها ولكن يمكن تشخيصها مبكرا بالفحص الدوري لتفادي اي تأثير علي العصب البصري