تقلصات الجفون (رفة العين)

 

أحد أشهر شكاوى المرضى هو (عيني بترف) والمقصود هو الجفن حيث أن رفة العين هي أحساس المريض بانقباض عضلات الجفن.

والحقيقة أن عضلات الجفن هي في حالة انقباض مستمر خصوصاً الجفن العلوي كما أن الانقباض تتخلله رمشة العين بمعدل 10-16 مرة في الدقيقة الواحدة والشخص الطبيعي لا يشعر بذلك وكما أن أي فرد منا لا يشعر بدقات قلبه إلا في حالة اختلافها عن المعدل الطبيعي فإننا لا نشعر بانقباض عضلات الجفون أو رفة العين إلا في حالة اختلافها عن الطبيعي.

ويحدث ذلك للكثيرين منا في حالة زيادة التوتر العصبي مثل الأرهاق وتناول المنبهات مثل القهوة وهذا النوع من الرفة لا يستمر سوى عدة أيام فقط ولا يتكرر كثيراً ولا يؤثر على الحياة الطبيعية للشخص مثل الرؤية أو القراءة وعادة ما يقوم طبيب العيون بنصح المريض بالراحة والبعد عن المنبهات.

ومن الأخطاء الشائعة أن يربط المريض ما بين رفة العين وقوة الأبصار ويعتقد أن استخدام نظارة طبية سوف يريح العين ويقلل الرفة وهذا غير صحيح فلا علاقة بين رفة العين وقوة الإبصار كما أن العضلات التي يتسبب انقباضها في حدوث الرفة هي عضلات الجفون وليس عضلات العين.

وهناك نوع آخر من رفة العين يبدأ مع الفرد منذ الطفولة ومرحلة المراهقة ويكون في صورة زيادة في معدل رمشة العينين عن المعدل الطبيعي ويتحول إلى عادة لا يستطيع الفرد التخلص منها.

وهنا يجب على الطبيب التأكد من عدم وجود أي أمراض بالعين أو بالجفن خاصة مرض جفاف العين لأنه من المعروف أن جفاف العين يجعل معدل رمشة العين أكثر من الطبيعي.
.
 وعند التأكد من عدم وجود أي مشاكل طبية بالعين أو بالجفن يتم شرح الحالة للمريض وكيف أنها لا تؤثر على حدة الإبصار ولا تدل على وجود مرض معين بالعين.

أما النوع المرضي من رفة العين فهو ما يسمى Essential Belpharospasm أو تقلصات الجفون الأساسية غير المعروفة السبب وهو مرض نسبة حدوثه قليلة ويصيب الرجال والنساء خصوصاً بعد الأربعين ويحدث في صورة تقلصات لا إرادية متقطعة على فترات زمنية تجعل المريض غير قادر على فتح العينين أو الرؤية.

وكلما حاول المريض فتح العين زادت التقلصات بحيث تجعل هذه التقلصات المريض غير قادر على أداء عمله أو القيادة أو القراءة حيث يكون المريض في حالة أشبه بفاقد البصر.

وكان يتم في الماضي اعتبار هذا المرض نوعاً من الأمراض النفسية والعصبية ويتم تحويل المريض لإجراء العديد من الأبحاث على المخ والأعصاب والعلاج النفسي بل أن البعض كان يتهم هؤلاء المرضى بالإدعاء أو يطلب منهم استخدام مهدئات وبعض الأدوية المضادة للصرع ولفترات زمنية طويلة.


أما الآن فقد تغير مفهوم المرض تماماً كمجرد انقباض لا إرادي في عضلات الجفون دون وجود علاقة بينه وبين أي سبب نفسي أو عصبي, وأحدث النظريات الحديثة تؤكد على وجود علاقة بين هذه الانقباضات وبين اضطراب الدورة الدمعية بالعين وحدوث جفاف في العين وهذه هي أكثر النظريات العلمية قبولاً الآن.

وعلاج هذا المرض الان يعتمد على تقليل حدة ومدة هذه التقلصات باستخدام مادة البوتيولينم وهي مادة مستخرجه من بكتريا سامة تؤدي إلى ارتخاء عضلات الأنسان يتم استخدامها في حالات تشنجات العضلات وبعض حالات الصرع ويمكن استخدامها بجرعات محددة في حالة تقلصات العين حيث تؤدي إلى ارخاء عضلات الجفون وعضلات الوجه بنسبة محددة ولفترة زمنية تتراوح بين 3-6 شهور.

ويجب على المريض تكرار الحقن كلما احتاج لذلك وأغلب المرضى يستجيبون لتكرار الحقن كل 6 شهور بصفة دورية خصوصاً وأن التحسن يكون بنسبة كبيرة تجعل المريض قادراً على أداء حياته بصورة طبيعية.

وقد بدأ استخدام أسلوب الحقن منذ حوالي 15 عاماً وأثبت نجاحاً كبيراً وأقرته هيئة الرقابة على الأغذية والأدوية الأمريكية واعتمدته أكاديميات العيون والأعصاب والعضلات في مختلف دول العالم وحل محل العلاج الجراحي في أغلب الحالات ويكون الحقن موضعياً في عضلات الجفون والوجه باستخدام أبر رفيعة معدة خصيصاً لا تسبب أي الآم ولا تترك آثاراً في الوجه.

أما في الحالات الشديدة والتي لا تستجيب للحقن فيمكن إجراء جراحة لإزالة جزء من عضلات الجفون لتقليل حدة الانقباضات وهي جراحة معقدة تستلزم الكثير من الوقت والمهارة والتخصص الدقيق عند الجراح.

اما النوع الأخير من تقلصات العين فهي تشمل نصف الوجه بالكامل وتبدأ بالحاجب ثم الجفون ثم الخد ثم الشفة والذقن وتصيب الرجال والنساء بعد منتصف العمر, وسببها وجود ضغط على العصب السابع عند قاع الجمجمة.

ويجب في هذه الحالات إجراء أشعة بالرنين المغناطيسي للتأكد من عدم وجود أي أورام داخل المخ في منطقة قاع الجمجمة.

وفي الماضي كان يتم العلاج عن طريق إزالة الضغط عن العصب بإجراء جراحة لفتح الجمجمة أما الآن فقد تغير العلاج تماماً وأصبح دوائياً عن طريق الحقن بمادة البوتيولينم.